أنت قدرى........

موضوع: أنت قدرى........ 17/3/2008, 09:58

[size=18][color=blue][font=Verdana]عزيزتى ............
لا أشك فى أنك لا تعرفين من أنا .ولا أى إنسان بين المخلوقات أكون ولا أظننى قد كتبت هذا لأعرفك به ، فذلك أمر قد لا يهمك معرفته _على الأقل فى وقتنا هذا_ فأنا لاأعدو أن أكون بالنسبة إليك ، أحد آلاف المجهولين الذين لا تحسين بهم والذين لا تربطك بهم صلة مهما وهت أو يشدك إليهم وثاق مهما رقّ واضمحل .
ولكنى كتبت إليك هذا ، لأعرف من تكونين ..........؟
من تكون هذه الساحرة التى أصابنى منها مسّ غيّر كل ما بنفسى وقلبنى رأسا على عقب ........؟
أنت بغير شك لا تحسين ما فعلت بى ، بل أغلب ظنى أنك تروحين وتغدين فى الحياة ناعمة البال مطمئنة الخاطر ، كأنك لم تقلبى كيان إنسان ، ولم تُلهبيه وتُؤججيه ، بل من يدرى ؟ .
إننى لستُ أول من تفعلين به هذا ، لأن هذا هو طبيعة عملك فى الحياة ، تباشرينه ببساطة كما يباشر أى إنسان مهنته التى تعوّدها عشرات السنين ، حتى بات يفعلها دون أن يدرى ما يفعل.
اعذرينى إن أطلت ، فما حيلة المحروم منك ، مسلو نعمة لقائك ، إلا أن يلجأ إلى لقائك على الصفحات ، يسهب فيطيل اللقاء ، ويبسط قلمه فيزيد الوصل .
هل تذكرين كيف التقيت بك أول مرة ؟ لا أظنك ! فإن الشئ الذى قد أراه حدثا يصح أن يؤرخ به التاريخ ، قد يكون عندك تفاهة تتكرر فى حياتك كل يوم .
على أية حال ، تذكرين أم لا تذكرين ، إنى أذكر جيدا ، ذلك الحدث الذى غيّر مجرى حياتى .
أذكر أول لقاء لنا ، على متن الريح ، لقاء فى الهواء لا وجها لوجه ، بل صوتا لأذن.
لقيتك ذات ليلة والنفس حزينة والذهن شارد مكتئب وقد جلستُ فى الشرفة ساهرا مسهدا ، أعد _ كما يقولون _ نجوم الليل ،وأسمعها الشكوى وتسمعنى الأنين .
كنت وقتذاك نموذجا لإنسان بائس يائس ، يزخر كيانه بالتعاسة ، وتفيض نفسه باليأس .
كنتُ أكره الدنيا ، وأكره الناس ......كنتُ أتذوق طعم المرارة فى كل قطرةمن كأس احياة ، وكنتُ أشم رائحة اليأس فى كل هبة من ريحها .
كنتُ أتململ تململ السليم الذى أرقه السهد وأسائل نفسى : لمَ نحيا؟ وما الذى سنجنيه من طول عناء وكد وامتطاء لمركب صعب ؟ لمَ كل هذا ؟ وما الذى يغرينا بالصبر والاحتمال؟
كنتُ أسائل نفسى ، فيعيينى الرد ، حتى حملت إلىّ الريح فى تلك الليلة الجواب على صوت أشبه بغناء عصافير الجنة .....صوتك أنت .....فأحسست _بعد طول حيرة وهيام_بأنى قد استقررت بعد بحث على مقر ، واهتديت أخيرا إلى مرفأ.
فى تلك الليلة جلست أرقب الكون وقد سكنت أحشاؤه وركدت ريحه ، وبدت الكواكب قد علاها الشحوب وأضناها الكلال ، وزادت وحشة الليل وبهمته من وحشة نفسى .....فى وسط هذا السكون العجيب المخيّم حمل إلىّ نسيم الليل الهادئ صوت موسيقى ناعمة هادئة ، تنبعث فى أجواء الفضاء كأنها نفس من الفردوس أو نغمة من السماء ، وأحسستُ بالنغم الجميل ينفذ إلى نفسى فى لين لظاها كأنما هى كف رطبة ندية تمسح بحنان رأس محمومة التهب لظاها واحتدم سعيرها .
وكأن اللحن يصل إلى أذنىّ خافتا كالضوء الشاحب .....والشعاع الكليل والقبس الواهن ...... كان يصل إلىّ مترنحا متقطعا ، ذوّب النسيم أوصاله ، ورقق أعطافه ، فانساب إلى النفس كأنه فتات من أصوات الملائكة ، أو كأنه عطر لنغم فياض أو مسحوق للحن طرب ....انتشرت ذراته فى الهواء.........وتسللت إلى الصدور ..... واستقرت فى الحنايا ....واختلطت بشغاف القلب ، فتركت النفس نشوانة كأنها حقنت بمخدر أو ثملت بخمر.
ترى هل استطعت أن أبين مشاعرى .....أم أنّ حديثى يبدو كلاما منمقا مزركشا؟.هل استطعت أن أصف جيدا وقع اللحن فى نفسى .....أم أنى لم أزد فى قولى عن خيال الشعراء ؟
قد أكون ، وقد لا أكون .....فقد يفهم البعض قولى ، ولا يفهمه البعض الآخر ، بل أغلب ظنى أنه لن يفهمه إلا من جلس مثلى حزينا فى جوف الليل يعد النجوم ، وحمل إليه النسيم مثل لحنك الخافت الناعم الذائب ، فهو أشبه بالسحر ، بل هو السحر عينه . خلاصة القول ، لقد وجدت نفسى بعد لحظات واللحن يسرى إلىّ ويملك حواسى ويهز مشاعرى ، وكأن ما بى من حزن قد صهر ، وإذا بعينى تدمع ومقلتى تهمى وإذا بجامد الدمع فيهما قد ذاب .
واندفعت فى نوبة من البكاء حارة مغرقة . أبكى وأبكى ....أنا الذى طالما استعصى علىّ الدمع وجفت مآقى ، وظلت الأحزان تتكتل فى نفسى دون أن تجد لها مخرجا ، حتى بت كأنى جلمود يأس وصخرة حزن .
وهكذا استطاع لحنك الهادئ فى جوف الليل أن يفتت حزنى ويذيب دمعى ... ووجدت نفسى _أنا الرجل الرشيد العاقل _أبكى كالأطفال ولا حياء ....بل لقد أحس من بكائى راحة وهدوءا.
وانتهى اللحن ...وخفتت الموسيقى ....وابتلعهما سكون الليل البهيم ، ووجدتنى أعود إلى فراشى _لأول مرة _ قرير النفس هادئ البال وملء أذنى صدى النغم ....وملء جوانحى صوتك الحنون ...يهتف ناعما خافتا :
أهواك وأتمنى لو أنساك ......وأنسى روحى وياك ....وان ضاعت تبقى فداك ........
كان ذلك أول لقاء بيننا ....لقاء _كما ترين _ على أجنحة النسيم ....لقاء أرّخ مولدى من جديد ....وبدّل حياتى .....وغيّر مشاعرى ....لقاء كان يعتبر بالنسبة لى .....بعثا ....وإن لم تشعرى به أنت .
وكذا بدأت أتظرك ليلة بعد ليلة ....أبدد بألحانك أحزانى ....وأضئ ظلمة نفسى ....وباتت موسيقاك فى جوف الليل ....ألزم إلى نفسى من كل ضرورات الحياة .
وبدأت أبحث عنك واستقصى أخبارك فعلمت من صديقى أنك تقطنين على مقربة منا ...وأنك منطوية على نفسك ....متباعدة عن الناس ....ميالة إلى الوحدة ..فزادت لهفتى عليك ووجدت فيك أنيسا لوحدتى وصنوا لنفسى .
ومرت الأيام وأنا قانع منك بهمساتك الرقيقة وموسيقاك العذبة ، وبلقاء كثيرا ما هفت إليه نفسى .
إنى أتمنى لقاءك ، ويبدو لى أنك أرق من أن تخيبى لمخلوق رجاء أو تردى لإنسان مطلبا . وأؤكد لك أنى لن أضايقك كثيرا ....ولن أثقل عليك من فؤادى الملآن وصدرى المفعم . هل تسمحين بلقاء ؟.... إنى واثق أنك لن تقولى لا .
*****************************************************
تتــــــــــــــــــــــــبع ......
أحقا ستسمح له بلقاء ، وتنقذه من أحزانه ، أم ستزيد منها وينتهى أمر ذلك الإنسان ؟!.........
أنا نفسى واثق أنها رقيقة ناعمة كما وصفها وأنها ..........لن تخذله وتقول له كلمة لا يريد أن يسمعها وإلا ......فعلى قلبه السلام ....
* تابعوا لتعرفوا ......من منهما سينجد الآخر ......The Teach.....
**********************************************
الفصل الثانى.....
وتهاوت الرسالة بين يديها ، وهزت رأسها فى يأس ، وهمست فى إصرار :
_بل ، سأقول لا ، وألف لا.
كفاها مرارة وخيبة . وكفى القدر سخرية منها .
وأكثر من هذا ، ستبطل الغناء والعزف فى سكون الليل ، عزاؤها الوحيد فى هذه الحياة ، ستكف عنه ، مادام هو السبب فى هذه السخرية .
إنها تذكر رسائل عشاقها السابقة ، كانت تفيض رقة وولها ، من عشاق ، جذبتهم ألحان الليل ، وأوقعتهم فى حبها . فأرسلوا إليها مشاعرهم المتأججة يطلبون اللقاء ، وأصابتها من مشاعرهم نشوة أنستها ما بها ، وعزها الأمل البراق ؛ فاندفعت إليه .
وكـــــــــان اللــــــــــــقاء ........وكـــــــــــــــــانت الصـــــــــــــدمة.
لقد خيل إليها فى كل مرة أن تلك المشاعر المتدفقة والحب الملتهب ، سيتجاوز عما بها من تشويه ، ذلك التشويه الذى أصاب جانب وجهها من جراء الحريق الذى أصابها فى طفولتها ، وكان الأمل يدفعها فى كل مرة إلى أن تلبى النداء وتذهب إلى اللقاء ، ثم تعود منه ملومة محسورة ، وهى تتخبط كالطير الذبيح .
أهؤلاء هم العشاق الذين يذوبون وجدا وصبابة ؟ أهؤلاء هم الذين كانوا يتلهفون على لقائها ؟.
ماذا أصابهم حتى لقوها بمثل هذا البرود والجمود وانصرفوا عنها ، كأن ألحان الليل قد تطايرت وتبددت ، أو كأنها قد أضحت نواحا وبكاءا ؟.
هل الذنب ذنبها فى أن تكون هكذا ؟ولمَ يتخذون الناس بالمظاهر ؟ أليست بشرا من لحم ودم ؟ ألم تكن جميلة تسحر العيون وهى صغيرة ؟ ماذا جرى الآن أهو التشويه الذى فى وجهها ؟ ألا يستطيع أحدا أن يكتفى بصوتها الرقيق والذى إن دل على شئ إنما يدل على جمال صاحبته ورقتها ؟ .
ولكنها من الآن ستصد أى إنسان يدعوها للقاء ، وستسخر هى من القدر ، ولن تنتظر أن ترجع إلى جحرها ملومة محسورة.
لا ، لا إنها لن تخدع فى هذه المرة ، خير لها أن تظل فى جحرها المظلم ، من أن تخرج منه لتعود إليه كافرة به ثائرة عليه.
وأمسكت الخطــــــــــــــاب فمزقته إربا .
****************************************************
وأقبل الليل فجلستْ تعزف وسط السكون المخيم ، وانبعث اللحن حزينا شجيا ، كأنه صادر من قلبها المحطم وفؤادها اليائس المدلهم.
وفجأة أحستْ بحركة قرب النافذة ، وفى الظلمة الدامسة لمحتْ شبحا يقف.
وأصابها من رؤيته هزة ، وارتجفت من قمة رأسها إلى أصبع قدميها .
ماذا تفعل به؟
أتصده وتنكره ، قبل أن يصدها وينكرها ؟
وفجأة طاف بذهنها خاطر ومض فيه كلمح البرق .
لمَ لا تلقاه فى ظلمة الحديقة فتستعين بالظلام على سخرية القدر ، وتتمتع معه بلقاء لا مرارة فيه ولا خذلان ......؟
وهمست به ..........إنـــــــــــها قــــــــــــادمة..
وبعد برهة قصيرة ، كانت الظلمة قد لفتها فى إحدى خمائل الحديقة .
كان يجلس فى الظلام مطرقا برأسه ، متكئا على عصاه ، وكانت تجلس متباعده عنه مشيحه بوجهها ، وقد أخذ قلبها يدق بشدة وعنف ، وأخذت تدعو بكل ما فى نفسها من حرارة : " ليته لا يرى ".
وتحدث هو ، فخرج صوته من صدره عميقا مخلصا شجيا ، حدثها عن ألحانها وموسيقاها ، وعن مدى تأثيرها فى نفسه وكيف أنها أنقذته من وهدة اليأس ، وبددت أحزانه .......ثم حدثها عن حبه لها ، وكيف أنه بات يحس أنها قد أصبحت جزءا منه .
وأصابتها من حديثه نشوة ومتعة ، فما سمعت من قبل مناجاة عاشق مستهام ، وما أحست أنها تحب ............إلا على صفحات الورق .
وحمدت الله ، والليل الحالك ، والظلمة المخيمة ، فقد أعاناها على التستر ، ووهباها لحظات حب كانت تتوق إليها .
ليحدث بعد ذلك ما يحدث وليكن ما يكون .........كفى أنها ستستمتع بساعتها .
وبدأ يتحدث عن نفسه ، وقد أطرق برأسه وأخذ يعبث بعصاه فى رمل الحديقة ، وأنبأها أنه يستطيع أن يهيئ لها كل ما تود من راحة وهناء ، وأنه سيبذل لها كل مايستطيع ، ثم تساءل فى النهاية ......هل يمكن أن يعوض حبه وإخلاصه عن العيب الذى به ؟
ورفعت حاجبيها ، وتساءلت فى دهش عما يقصد .
وبدا عليه اضطراب شديد ، وأخرج من جيبه منديلا يجفف به عرقا تصبب من جبينه ، ثم أنبأها بصوت خفيض مرتجف أنه ضــــــــــــــــرير.....
ومضت لحظة صمت ، بدا فيها كل منهما شارد الذهن غارب البال ، ثم أخذت تقترب منه فى ثقة واطمئنان ومدت يدها فربتت عليه فى رفق وحنان .
وهمست مجيبة :
_ليس هذا عيبا .
ورفع يدها إلى شفتيه وأحست بقطرات من الدمع تبللها .
ثم سمعته يهمس :
_ياللقدر .....يرسلك إلىّ لتنقذينى من أحزانى ، وتضيئين لى ظلمة عينى ، فأنت النور الذى أبصر به الآن .........ولو أن القدر لم يعرفنى بك ، لا أدرى ما كان يحدث لى ......أتظنين لو التقيت بأى فتاة أخرى ووفرت لها كل ما تشاء من راحة وهناء ، أكانت تقبل برجل ضرير زوجا لها ......بالطبع لا .......هذا لأتى سعيد الحظ بأن التقى بفتاة مثلك ..
مسحت دموعه وهى تبتسم وتضع يدها الأخرى على موضع إصابتها وتقول :
_بل لأنى سعيدة الحظ .......ولأنك أنت قــــــــــــــــدرى .
فابتسم ، وقال لها :
_ بل أنت قـــــــــــــــــــــدرى .
وانغمرا الاثنان فى الضحك وهما لا يدريان أهما فى واقع أم خيال روايات!..........
تمت بحمد اللــــــــــــــــــــه <<<<<<<<<
****************************************************

موضوع: رد: أنت قدرى........ 20/3/2008, 10:32

جميلة جدا بجد.ألف شكر ليك.... بعد ازنك انا هانشرها على المجموعة البريدية بتاعتي.

http://groups.google.com/group/o7eboha

.

موضوع: رد: أنت قدرى........ 20/3/2008, 11:41

انت لا تستأذننى افعل ماتراه خيرا ولو لم اوافقك عليه

موضوع: رد: أنت قدرى........ 24/3/2008, 23:37

متنساش تكتب منقول وعلى فكره موضوع جيد

موضوع: رد: أنت قدرى........ 27/3/2008, 16:54

لا والله ليس منقول وهل من الممكن ان تكتب من اين نقل ؟
اننى مشترك فى اكثر من موقع وتذكر اننى عندما انقل سأقولها بوضوح